المنــاورات الإيرانيــة لا تخطئـوا أيهــا الأميركيــون
د.نسيب حطيط
إن مناورات الرسول الأعظم(ص)(6) الإيرانية والتي تميزت بإطلاق الصواريخ الباليستية بعيدة المدى لمسافة 2000كم بما فيهاالصواريخ البحرية، كانت تحمل رسائل متعددة الإتجاهات.
1- الرسالة الأولى نحو الأشقاء العرب في دول الخليج خاصة ،لتظهر لهم أن الترسانة العسكرية الإيرانية ليست موجهة ضدهم ،من خلال عنوان المناورات " الرسول الأعظم"(ص)الذي يجتمع خلفه ومعه كل المسلمين على اختلاف مذاهبهم، والصواريخ التي أطلقت لا حاجة لها لضرب الدول المحيطة.
2- الرسالة الثانية للأميركيين وحلفاؤهم، بأن المعركة ستكون على مستوى المنطقة وخارج الساحة الإيرانية، لتضم كل الساحات التي يتواجد فيها الأميركييون في العراق وأفغانستان وتركيا وغيرها.
3- الرسالة الثالثة، تحذير لإسرائيل بأن أي مغامرة لقصف المنشآت النووية الإيرانية سيقابله قصف مفاعل ديمونة الإسرائيلي وكل فلسطين المحتلة ،وأن مشكلة إسرائيل ليست مع صواريخ المقاومة في لبنان وفلسطين، بل مع الصواريخ الإيرانية والسورية وأن(مناورة تحول5)الإسرائيلية تظل متخلفة عن مناورة الرسول الأعظم(ص)6.
إن المناورات العسكرية الإيرانية، وسيلة للتخاطب مع أميركا وإسرائيل والغرب المتحالف معها والذين يؤمنون (بشرعية القوة) للتعامل مع الآخرين، وفرض أرائهم وإلزامهم بالتبعية والخضوع، وأظهرت الوقائع أن(القوة)التي تستند إلى الحقوق و المبادئ ،قادرة على إسترجاع الأرض والسيادة مهما كان نفاق المجتمع الدولي وحمايته للإحتلال المتعدد الأسماء، والدليل أن المقاومة في لبنان حررت الأرض بعد 22 عاما على صدور القرار (425) الدولي، وكذلك تحرير غزة بعد حوالي 40 عاما من إحتلالها.
إن الإعتماد على العدالة الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة، كاللجوء إلى وكر الأفعى، والأمان الحقيقي يكون بوحدة الأمة والإعداد لمقاومة المعتدين.
إن الإستراتيجية الإيرانية تقوم على حق الدفاع عن النفس وتنمية القدرات الذاتية للشعب والأمة في مواجهة المستعمرين والتهيؤ للمعارك القادمة على ثلاثة محاور.
- المضائق المائية، مضيق هرمز وخليج عدن وقناة السويس ،هذه الممرات المائية الثلاث الضرورية لإمدادات النفط العربي للغرب وأميركا، ستكون تحت مرمى الضربات العسكرية الإيرانية في البحر ( الغواصات) أو عبر الصواريخ الباليستية.
- القواعد العسكرية الأميركية في العراق وأفغانستان وقطر والبحرين وبعض الدول المحيط لتقليم الأظافر الأميركية على المستوى الإقليمي.
- دعم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وأفغانستان والتحالف مع دول الممانعة ومقاومة المشروع الأميركي على المستوى الإقليمي الدولي من خلال التحالف والتعاون مع(سوريا – فنزويلا – الصين – وروسيا – وكوريا الشمالية وغيرها) لتأمين كيان يشابه منظمة دول عدم الإنحياز سابقا، وإن لم يبصر النور حتى الآن، فإن مقدمات التنسيق الدولي بهذا الإتجاه تسير بخطى بطيئة ولكن مستمرة.
المناورات الإيرانية هي بقعة الضوء الكبيرة في عالمنا العربي والإسلامي اليوم، ففي اللحظة التي يتخبط فيها العالم العربي في حراكه الشعبي التائه والمحاصر والمفتت، والذي صار بين أنياب التمساح الأميركي الذي يبدي تعاطفه مع الشعوب التي اسقطت الحكام الذين حماهم الأميركي ودعمهم حتى آخر لحظة ثم تخلى عنهم حفظا لمصالحه.
لكن الأخطر في هذه الثورات العربية أن تقدم بعض التيارات الإسلامية التاريخية مثل ( الإخوان المسلمين ) على أمرين خطرين، أولهما الحوار مع أميركا وبشروطها كما قالت وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون أو يشارك الإخوان المسلمون في سوريا في مؤتمر فرنسي ينظمه منتدى(قواعد اللعبة) المناصرة والصديقة لإسرائيل عبر برنارهنري ليفي – الكاتب الجزائرياليهودي الأصل- فإذا كان الإخوان المسلمون يريدون العودة للسلطة من الباب الأميركي والمهادنة لإسرائيل كما تسرب أيضا عن الثوار الليبيين ورسالتهم إلى نتنياهو بإستعدادهم للتطبيع مع إسرائيل، فإننا نرى في هذه الأفعال إن كانت صحيحة ، إنحرافا للثورات العربية عن أهدافها ،وستبقى المناورات الإيرانية وصمود حركات المقاومة قارب النجاة الوحيد للأمة.